فصل: (الفجر: آية 10)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة والفجر89:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وَالشَّفْعِ والوتر} (3) {الشفع} الزّكاة وهو الزوج و{الوتر} الخسا وهو الفرد قال الكميت:
إذا نحن في تعداد خصلك لم نقل ** خسا أو زكا أعيين منا المعدّدا

[941] ترك التنوين في خسا وزكا أحسن، وقد ينوّن أيضًا. ويقولون:
أوترت ووتّرت

{وَاللَّيْلِ إِذا يسر} (4) العرب تحذف هذه الياء في هذه في موضع الرفع ومثل ذلك (لا أدر)..
{قَسَمٌ لِذي حجر} (5) لذى حجر وعقل..
{بعاد} (6) يقال: هما عادان عاد الأخيرة وعاد الأولى وهى {إِرَمَ ذاتِ العماد} (7) ذات الطول ويقال: رجل معمد..
{جابُوا الصَّخْرَ} (9) نقبوا، ويجوب الفلاة أيضًا يدخل فيها ويقطعها.
{أَكْلًا لَمًّا} (19) تقول: لممته أجمع أي أتيت على آخره..
{حُبًّا جَمًّا} (20) كثيرا شديدا.
{فَيومئِذٍ لا يُعَذِّبُ عذابهُ أحد} (25) ويومئذ لا يعذّب عذاب اللّه أحد في الدنيا. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها الفجر:

.[الفجر: آية 4]

{وَاللَّيْلِ إِذا يسر (4)}.
وقوله سبحانه: {وَاللَّيْلِ إِذا يسر} [4] وهذه استعارة. والمراد بسرى الليل دوران فلكه، وسيران نجومه حتى يبلغ غايته، ويسبق في قاصيته، ويستخلف النهار موضعه.

.[الفجر: آية 10]

{وَفِرْعَوْنَ ذي الأوتاد (10)}.
وقوله سبحانه: {وَفِرْعَوْنَ ذي الأوتاد} [10] وهذه استعارة. والمراد وفرعون ذى الملك المتقرم والأمر المتوطد، والأسباب المتمهدة التي استقر بها بنيانه، وتمكن سلطانه، كما تنبت البيوت بالأوتاد المضروبة، والدعائم المنصوبة. وقد مضى نظير ذلك.

.[الفجر: آية 13]

{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عذاب (13)}.
وقوله سبحانه: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عذاب} [13] وهذه من مكشوفات الاستعارة. والمراد بها العذاب المؤلم، والنكال المرمض. لأن السّوط في عرف عادة العرب يكون على الأغلب سببا للعقوبات الواقعة، والآلام الموجعة.
وقال بعضهم: يجوز أن يكون معنى سَوْطَ عذاب أي أوقع عذاب يخالط اللحوم والدماء، فيسوطها سوطا، إذا حرّك ما فيها وخلطه. فالسّوط على هذا القول هاهنا مصدر وليس باسم. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الفجر:
{والفجر} قسم بإدبار الظلام وميلاد الضياء. وقد عطفت عليه أقسام أخرى {وليال عشر} وهى على ما يراه جمهور المفسرين عشر ذي الحجة المنتهية بوقفة عرفة ويوم النحر، ففي هذه المدة ينطلق القادرون لأداء فريضة الحج ويسمع لقوافلهم دوى بالتلبية وهم مولون شطر البيت العتيق، قادمين من المشارق والمغارب! {والشفع والوتر والليل إذا يسر}. قسم بالزمان معطوف على ما قبله. والزمان من أسرار الكون التي تعرف بآثارها ولا تدرك حقائقها. وعلام القسم؟ الظاهر أن المقسم عليه محذوف، يدل عليه ما بعده. والمقصود لينصرن الله دينك وليرفعن رايتك وليخذلن الكفر وأهله مهما بلغ بطشهم واشتد بأسهم. وليس كفارنا خيرا ممن سبقونا. {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد} إن الأولين ربما لم يغزوا الفضاء ويتوغلوا في علوم المادة، ولكنهم كانوا مهندسين مهرة، وآثارهم تدل عليهم. ولقد قال الله للعرب الذين كذبوا محمدا {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها..}. لكن طغيانهم أوردهم المهالك، فلما غالبوا القدر وكابروا الحق {فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد}. ووسط سورة الفجر يتحدث عن طبيعة سيئة في البشر، إنهم يغترون باليوم الحاضر وينسون ما قبله وما بعده! ولا يعرفون أن الله يداول الأيام بين الناس... فيوم علينا ويوم لنا.. ويوم نساء ويوم نسر!! وقد وصف النابغة الغساسنة بأنهم أبرياء من هذا المرض، وأنهم يعرفون الدهر على حقيقته فقال:
ولا يحسبون الخير لا شر بعده ** ولا يحسبون الشر ضربة لازب!

وجماهير الناس تخدع بيومها الحاضر، ولا يدرون أنهم ممتحنون بما حوى من ضر ونفع {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا}. إن هذا كله تقسيم معايش يعرف القدر وحده سرها، ولا دلالة فيها على إيثار أو طرد. والله يبتلى بالغنى والفقر والهزيمة والنصر، وليس يسره رضا ولا عسره سخطا. إنه تقسيم معايش يمحص به الناس أجمعون، وتحدد على ضوئه منازلهم يوم القيامة، والعاقبة للتقوى.. إن الله لا يعطى غنيا المال كى يقول لغيره: {أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا}. إنما يعطيه ليشرك غيره فيه، ويسارع إلى مواساة المحتاجين وتفريج كربهم. ولم يحرم أحدا المال ليبكى على دنيا فاتته أو يحسد من أوتى شيئا منه، بل ليصبر ويكافح ويتربى على العفاف. ومن بدء الخليقة فاوت الله بين أرزاق الناس لحكم منشودة وامتحان مقصود. ولذلك قال- بعد وقوع هذا التفاوت {كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما}. وقد نشبت معركة الخبز من قديم، واجتذبت إليها أنشطة البشر جميعا، وضريت الحرب بين الأثرة والإيثار والبخل والعطاء. وأقول- وأنا محزون- إن وصايا الدين انهزمت وغرائز الوحوش غلبت. ثم ظهرت فلسفة الشيوعية التي تولت عن الله تقسيم الأرزاق- لأنها اتهمته بالجور!- فماذا حدث؟ قال الإنسان في ظلها بعدما اكتوى بذلها وبؤسها: ربما يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه وسألت نفسى ماذا قدم المسلمون للجماهير التائهة على ظهر هذه الأرض؟ لا شيء. فقد غطوا وجه الإسلام وشوهوا جوهره. بل لقد رأيت في دار الإسلام أحرارا يلتمسون الكرامة في أرض أخرى، ويبحثون عن العدالة التي عرت مصادرها في أرضهم! لم يبق إلا انتظار البعث الآخر {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي} هذا صياح الندم يوم لا ينفع ندم! أما الصالحون من عباد الله، فهذا يوم البشرى وتهلل الوجوه بالفوز. روى الطبرى عن سعيد بن جبير قرأ رجل عند رسول الله قوله تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية} فقال أبو بكر: ما أحسن هذا! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم!: «أما إن الملك سيقولها لك عند الموت». وأبو بكر أول العدول الراشدين، ومن أولى الناس بها. ولكن السياق عام في القرآن الكريم يتناول كل مؤمن أسلم لله وجهه وأصلح له عمله، فالكلمة الجميلة تنتظره ليدخل الجنة، ويشارك في أحفال التسبيح والتحميد التي تملأ رحابها، جعلنا الله بمنه وفضله من أهلها. اهـ.

.في رياض آيات السورة الكريمة:

.فصل في أسرار ترتيب السورة:

قال السيوطي:
سورة الفجر:
أقول: لم يظهر لي من وجه ارتباطها سوى أن أولها كالإقسام على صحة ما ختم به السورة التي قبلها، من قوله جل جلاله: {إِنَّ إِلينا إيابهم ثُمَ إِنَّ عَلينا حسابهم} وعلى ما تضمنه من الوعد والوعيد كما أن أول الذاريات قسم على تحقيق ما في (ق)، وأول المرسلات قسم على تحقيق ما في (عم) هذا مع أن جملة {أَلَم تَرى كيفَ فَعَلَ رَبُكَ} هنا، مشابهة لجملة {أَفلا ينظرون} هناك. اهـ.

.تفسير الآيات (1- 5):

قوله تعالى: {والفجر (1) وَلَيَالٍ عشر (2) وَالشَّفْعِ والوتر (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يسر (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذي حجر (5)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
(بسم الله) جامع العباد بعد تمزيقهم بما له من العظمة (الرحمن) الذي عمهم بعد العموم بالإيجاد بالبيان المهيئ من شاء للإيمان (الرحيم) الذي خص أولياءه بالرضوان المبيح الجنان.
لما ختمت تلك بأنه لابد من الإياب والحساب، وكان تغيير الليل والنهار وتجديد كل منهما بعد إعدامه دالاًّ على القدرة على البعث، وكان الحج قد جعله الله في شرعه له على وجه التجرد عن المخيط ولزوم التلبية والسير إلى الأماكن المخصوصة آية مذكرة بذلك قال: {والفجر} أي الكامل في هذا الوصف لما له من العظمة حتى كأنه لا فجر غيره، وهو فجر يوم النحر الذي هو أول الأيام الآخذة في الإياب إلى بيت الله الحرام بدخول حرمه والتحلل من محارمه وأكل ضيافته.
ولما ذكر هذا اليوم بما العبارة به عنه أدل على البعث لأنه ينفجر عن صبح قد أضاء، ونهار قد انبرم، وانقضى، لا فرق بينه وبين ما مضى، عم فقال معبراً بالمقابل: {وليال عشر} هي أعظم ليالي العام.
وهي آية الله على البعث بالقيام إلى إجابة داعي الله تعالى على هيئة الأموات {والشفع} أي لمن تعجل في يومين {والوتر} أي لمن أتم- قاله ابن الزبير، وروى أحمد والبزار برجال الصحيح عن عياش بن عقبة وهو ثقة عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العشر الأضحى، والشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة».
ولما كان تعاقب الليل والنهار أدل على القدرة وأظهر في النعمة، قال رادّاً لآخر القسم على أوله، ومذكراً بالنعمة وكمال القدرة، لأن الليل أخفاهما سُرى وسراً، فهو أعظمهما في ذلك أمراً، لأن سير النهار ظاهر لسرايته بخلاف الليل فإنه محوى صرفه فكان أدل على القدرة {والليل} أي من ليلة النفر {إذا يسر} أي ينقضي كما ينقضي ليل الدنيا وظلام ظلمها فيخلفه الفجر ويسرى فيه الذين آبوا إلى الله راجعين إلى ديارهم بعد حط أوزارهم، وقد رجع آخر القسم على أوله- وأثبت الياء في {يسري} ابن كثير ويعقوب وحذفها الباقون، وعلة حذفها قد سأل عنها المؤرج الأخفش فقال: اخدمني سنة، فسأله بعد سنة فقال: الليل يسرى فيه ولا يسري، فعدل به عن معناه فوجب أن يعدل عن لفظه كقوله تعالى: {وما كانت أمك بغيّاً} [مريم: 28] لما عدل عن (باغية) عدل لفظه فلم يقل: بغية- انتهى.
وهو يرجع إلى اللفظ مع أنه يلزم منه رد روايات الإثبات، والحكمة المعنوية فيه- والله أعلم- من جهة الساري وما يقع السرى فيه، فأما من جهة الساري فانقسامهم ليلة النفر إلى مجاور وراجع إلى بلاده، فأشير إلى المجاورين بالحذف حثاً على ذلك لما فيه من جلالة المسالك، فكان ليل وصالهم ما انقضى كله، فهم يغتنمون حلوله ويلتذون طوله من تلك المشاهد والمشاعر والمعاهد، وإلى الراجعين بالإثبات لما سرى الليل بحذافيره عنهم آبوا راجعين إلى ديارهم فيما انكشف من نهارهم، وأما من جهة ما وقع فيه السرى فللإشارة إلى طوله تارة وقصره أخرى، فالحذف إشارة إلى القصير والإثبات إشارة إلى الطويل بما وقع من تمام سراه وما وقع للسارين فيه من قيام وصف الأقدم بين يدي الملك العلام كما قال الإمام تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله تعالى حيث قال مشيراً لذلك:
كم ليلة فيك وصلنا السرى ** لا نعرف الغمض ولا نستريح

الأبيات المذكورة عنه في المزمل، فقد انقسم الليل إلى ذي طول وقصر، والساري فيه إلى ذي حضر وسفر، فدلت المفاوتة في ذلك وفي جميع أفراد القسم على أن فاعلها قادر مختار واحد قهار، ولذلك أتبعه الدلالة بقهر القهارين وإبارة الجبارين، وأما (بغي) فذكرت حكمته في مريم.
ولما كان هذا قسماً عظيماً في ذكر تلك الليالي المتضمن لذكر المشاعر وما فيها من الجموع والبكاء كما قال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة:
وليلة جمع والمنازل من منى ** وهل فوقها من حرمة ومنازل

وفي تذكيره بالبعث ودلالته عليه دلالة عقلية واضحة بالإيجاد بعد الإعدام مع ما لهذه الأشياء في أنفسها وفي نفوس المخاطبين بها من الجلالة، نبه على ذلك سبحانه وتعالى بقوله: {هل في ذلك} أي المذكور مع ما له من على الأمر وواضح القدر {قسم} أي كاف مقنع {لذي} أي صاحب {حجر} أي عقل فيحجره ويمنعه عن الهوى في درك الهوى، فيعليه إلى أوج الهدى، في درج العلا، حتى يعلم أن الذي فعل ما تضمنه هذا القسم لا يتركه سدى، وأنه قادر على أن يحيى الموتى، قال ابن جرير: يقال للرجل إذا كان مالكاً نفسه قاهراً لها ضابطاً: إنه لذو حجر- انتهى.
فمن بلغ أن يحجره عقله عن المآثم ويحمله على المكارم فهو ذو حجر. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

روى ابن مهران وابن الاسكندراني عن أبي عمرو أنه كان يقف على {والفجر} وأشباهها من ذوات الراء بنقل حركة اراء إلى ما قبله و{الوتر} بكسر الواو: حمزة وعلى وخلف والمفضل. الباقون: بالفتح {يسري} و{بالوادي} {أكرمني} و{أهانني} بالياء في الحالين: يعقوب والهاشمي عن البزي والقواس وأبو ربيعة عن أصحابه.
وقرأ أبو جعفر ونافع وأبو عمرو وسهل {أكرمني} و{أهانني} بالياء في الوصل وبغير ياء في الوقف {بالوادي} بالياء في الوصل: ورش وسهل وعباس. الباقون: كلها بغير ياء {فقدر} بالتشديد: ابن عباس ويزيد {ربي} بالفتح: أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو.
{يكرمون} {ولا يحضون} {ويأكلون} {ويحبون} كلها على الغيبة: أبو عمرو وسهل ويعقوب. الآخرون: بتاء الخطاب {تحاضون} بفتح التاء الفوقآنية والألف من التفاعل: عاصم وحمزة وعلى ويزيد {لا يعذب} {ولا يوثق} بتح الذال والثاء: على والمفضل وسهل ويعقوب. الآخرون: بكسرهما.